يا مالئَ الصحنِ عَكوباً عَلى لَبَنِ
سلمْ على بَلدي سلمْ عَلى وَطَني
الشوكُ غَزَّ أيادي من يُعكِّبُهُ
ولم يتوبوا عنِ العكوب من زمن
سبحانَ ربي لسطحِ الأرضِ أخرجَهُ
من غيرِ زَرعٍ على سَفحِ الجبالِ سَني
طوري ويَحملُ أزراراً مُكبَّسةً
والقدُ ممشوقُهُ غَضُّ الثمارِ جَّنْي
قالوا لقد باضَ لما صار مُنتَفِخاً
وهل رأيتم نباتاً باضَ في فَنَنِ
عرفتُهُ في ذُرى نابُلْسَ من صغري
فهل تُراهُ إذا ألقاهُ يَعِرفُني
أحبُّه فوقَ صحنِ الرزِّ يَغْمرُهُ
والرزُّ في نَشوةٍ قد غاصَ في اللبنِ
أتيتُهُ ومعي السكينُ شوّكَني
وقال : إرفقْ أراكَ اليومَ ذابِحَني
إني أدافعُ عن نفسي باسلحَتي
ولا أريدُ خروجَ الروحِ من بَدَنيِ
فقلتُ : يا أيها العكوبُ لا أمَلٌ
إني ساذبحُ إن الحبَّ عَذَّبَني
إني أحبُك مطبوخاً على لبنٍ
فلذَّة ُ الطعمِ تُغريني تُجنِنُني
لو متَّ يا أيها العكوبُ لا جزعٌ
إني سأحييكَ بعدَ الأكلِ في بَدّني
***
أجاب عفواً فإني لستُ ضامِنَها
وأنتَ تَطلُبُ مني أعظمَ الثَمَنِ
ومَنْ حياتُكَ بَعد اليومِ يَضمَنُها
حتى بِجسمِكَ تُحييني وتضمنَني
أرجوكَ إذهبْ معَ السكينِ مُبتَعِداً
وحِلَّ عني فَحدُ النصلِ نَرفَزني
فلا أريدُ حياةً غيرَ في جَسدي
فعشْ زمانَك واتركني أعيشُ هََني
وهذه بَلدتي نابُلْسُ أسكُنُها
أعيشُ فيها مع الأرزاء والمِحنِ
إني سجينٌ وسجَّاني يُعذبُني
وليسَ لي غيرَ ربي اللهُ يُنقذُني
فإن سئمتُ حياتي من مشاكِلها
لا فرقَ عندي فإني جاهزٌ كَفَني
وإن وقعتُ شهيداً وأنقضى أجلي
وحزَّني الناسُ بالسكينِ في سَكني
أصيرُ كالشاةِ لا ضَيرٌ إذا سُلخت
من بعدِ ذبحٍ وهجر الروح للبدن
فَليس يفرقُ من ياتي ليجمَعَني
أو من على الفَرشِ في الأسواق يَعرضُني
أو جاءَ يحملنُي للبيت أصحبُهُ
وبالمَقصِ أتاني كي يُعَكِّبَني
كُلْني إذا شئتَ أطبُخني على لبنٍ
واذكرْ باني أبَيْتُ الذُّل في وطني
على أدامي إذا فَضَّلْتَ تأكُلني
إقْلِ الصنوبرَ فوقَ الرزَّ يصحبُني
وأعصر علىَّ من الليمون ملعقَةً
تلقاكَ تَعَلقُ في طعمي وتلعقني
أنا الشهيدُ ببطنِ الناسِ مدفنُهُ
قتلاً و أكلاً فارجو اللهَ يَرحَمُني
فإن ْ رَجعتَ إلى عيبالَ لي طلبٌ
إقرأ من الذكر علَّ اللهَ يبعَثُني
أو تُنبتُ الأرضُ أجيالاً محررةً
من العَكاكيبِ تدعو لي وتذكُرُني
***
نظرتُ في حالةِ العكوب مُفتكِراً
في حالتي حيثُ أفكاري تُؤرقني
أخذت درساً من العكوب علمني
أن لا أخاف من الدنيا وشجعني
فما الحياةُ سوى حُلم ٍنعيشُ به
يأتي إلينا كطيفٍ زارَ في الوَسَن
فصرتُ أحيا كما العكوب بي أملٌ
أقاوم اليأس والايمانُ يحفزني
الصبرُ يَقرَبُ للعكوبِ في صلةٍ
في كثرةِ الشوكِ والاخلاصِ للوطنِ
احتارَ كلُّ الوَرى في أصل مَوطِنِه
نادوا عليه فَلباهم وقالَ (أنِي)
قالوا عَرفناكَ يا من جئتَ من جبلٍ
يأبى الخضوعَ لباغ ٍأو لممتَهِنِ
من يَعبُدُ اللهَ والايمانُ يغمُرهُ
لن يخفضَ الراسَ مذلولاً على وثنِ